مادام هناك الراحة والأمان, والبشارة والرضوان,والروح والريحان,,قدماني إلى
ربي,مُنى ومطلب كل مؤمن ، يطلبه من ملائكة الرحمن حين يزفوا إليه من أنواع
البشارات,تقر عينه فيصبح في عجل من أمره, قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم لعائشة رضي الله عنها(ذا عاين المؤمن الملائكة قالوا, نرجعك إلى
الدنيا, فيقول ,إلى دار الهموم والأحزان, قدماني إلى الله تعالى)سلام كريم
يبعثه رب رحيم لمؤمن استبلغت نفسه وكادت أن تفيض، يأبى سبحانه إلا أن يهيئ
عبده للقاءه طيبة نفسه بسلام ربه عليه,وهو يسلم النفس إلى بارئها بكل
طمأنينة وأمان،وكيف لا يطمئن من قرأ عليه ربه السلام,عن أبي مسعود رضي الله
عنه قال ,إذا أراد الله قبض روح المؤمن أوحى إلى ملك الموت أقرئه مني
السلام فإذا جاء ملك الموت يقبض روحه قال له ربك يقرئك السلام,وإذا استبلغت
نفس العبد المؤمن عاد ملك الموت فقال السلام عليك يا ولي الله، الله يقرئك
السلام، ثم قرأ هذه الآية ﴿الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام
عليكم﴾ وبعد السلام يأمر الله عز وجل الملائكة الكرام بتثبيت عبده ,في قوله
تعالى﴿ إِن الذينَ قالوا ربنا الله ثم اِستقاموا تتنزل عليهِم الملائِكة
ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون﴾ قال ذلك عند الموت
وقال ,أي لا تخافوا مما تقدمون عليه من الموت وأمر الآخرة، ولا تحزنوا على
ما خلفتم من أمر الدنيا من ولد وأهل ودين، فإنا نستخلفكم في ذلك كله,وعن
زيد بن أسلم قال ,يؤتى المؤمن عند الموت فيقال له لا تخف مما أنت قادم عليه
فيذهب خوفه، ولا تحزن على الدنيا ولاعلى أهلها وأبشر بالجنة فيذهب خوفه،
ولا تحزن على الدنيا فيموت وقد أقر الله عينه,عن الحسن بن علي رضي الله عنه
,قال,تخرج روح المؤمن في ريحانة، ثم قرأ﴿ فأما إِن كان مِنَ المقربين فروح
وريحان وجنة نعيم﴾وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن المؤمن إذا
كان في إقبال من الآخرة، وإدبار من الدنيا نزل ملائكة من السماء كأنهم
وجوههم الشمس بكفنه وحنوطه من الجنة، فيقعدون حيث ينظر إليهم، فإذا خرجت
روحه صلى عليه كل ملك في السماء والأرض, قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم(إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وعنبر وريحان فتسل
روحه كما تسل الشعرة من العجين، ويقال أيتها النفس المطمئنة اخرجي راضية
مرضياً عليك إلى رَوح الله وكرامته، فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك
والريحان وطويت عليه الحريرة وذهب به إلى عليين)وفي قوله تعالى ﴿ والسابحات
سبحاً﴾ قال,أرواح المؤمنين لما عاينت ملك الموت قال اخرجي أيتها النفس
المطمئنة إلى روح وريحان ورب غير غضبان، سبحت سبح الغائص في الماء فرحاً
وشوقاً إلى الجنة (فالسابقات سبقاً) يعني تمشي إلى كرامة الله عز
وجل,قدماني إلى ربي ، كيف لا يقولها من عاين من كرامات ربه ما لا يجود بها
إلا رحيم كريم أرحم بخلقه من أمهاتهم وأرحم ما يكون بعبده في هذا الموقف
الجليل,